روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | الدافع لاستمرار عمل الصالحات بعد الحج.. التربية الإيمانية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > الدافع لاستمرار عمل الصالحات بعد الحج.. التربية الإيمانية


  الدافع لاستمرار عمل الصالحات بعد الحج.. التربية الإيمانية
     عدد مرات المشاهدة: 3961        عدد مرات الإرسال: 0

عشنا في رحلة الحج هذا العام عدة مواقف تربوية؛ ارتفعت فيها الجرعات الربانية، وزادت الشحنات الإيمانية، فكل منا يتمنى أن يعود بحج مبرور وذنب مغفور، وسعي مشكور وعمل متقبل مبرور.
 كل حاج يأمل أن يكون ممن غفرت ذنوبه، ويعود من حجه كيوم ولدته أمه.

كل حريص جد واجتهد و جاهد نفسه، وحاول أن يكون حجه مبرورا بالابتعاد عن الرفث والفسوق والجدال في الحج.

وقد قام المشرفون في الحملة بمجهود طيب لتأهيل الحجاج قبل الحج ليتزودا بالتقوى والعلم؛ للحرص على الحج المبرور، وتم تقديم عدد من المحاضرات قبل الحج لتساعد في الوصول لهذا الهدف.

حسن التهيئة للحج:

ومن الملاحظ أن الحاج الجديد غالبا يحسن التهيئة والاستعداد أكثر من غيره، فقبل الحج يحرص على التزود  بالتقوى، ويتعلم المناسك، ويستفسر عما يشكل عليه، ويقبل بهمة عالية على إرضاء الله تعالى، ويقوم كل حاج بإعداد النفقة الطيبة من الكسب الحلال، وتجديد التوبة لله تعالى، مع التحلل من المظالم ورد الحقوق لأصحابها. 

 واجتهد الجميع في اختيار الرفقة الصالحة، وحاول كل حاج أن يجالس الصالحين، ويجاور الخيريين، وتعب كل حريص على انتقاء الحملة التي تساعده في أن يكون حجه مبرورا، و عمله مقبولا ووقته مشغولا بالطاعات والقربات، مع التنافس في الخيرات، وهجر المنكرات، والإكثار من فعل الصالحات. 

 وعموما يسأل جميع الحجاج الله تعالى أن يجعل هذا العمل خالصا لوجه الله تعالى بعيدا عن الرياء والسمعة والشرك.

ضعف التفاعل أثناء الحج: 

 لكن رأينا من بعض الحجاج، ومن أنفسنا أحيانا: قلة الحماسة، وعدم التفاعل، وضعف الهمة، والتكاسل في أداء الطاعات، وعدم الشعور بعظمة  المقدسات، مع برود المشاعر، وجفاء العواطف، وعدم إظهار الذل والافتقار عند الدعاء! فكانت هذه مشكلة نبحث لها عن حل. 

 والكثيرون والحمد لله كانت همتهم عالية، وروحانيتهم ممتازة. ولكن مشكلة الجميع: في كيفية الاستمرار على هذه الروح بعد الحج؟ 

 وأيضا توجد قلة قليلة تشتكي من ضعف الهمة وقلة التفاعل، وعلى الرغم من وجود أنشطة ثقافية منوعة، من مواعظ مؤثرة، وندوات منوعة ومحاضرات إيمانية، ودراسات منوعة، وجلسات مفيدة وحلقات قرآنية. فكيف لم تؤثر في بعض الحجاج كل هذه الفاعليات؟

وماذا بعد الحج:

يحتار المشرفون، ويحاولون أن يعدوا بعض البرامج التي تنفع الحجاج ليستمروا على العمل الصالح بعد الحج، وتقام المحاضرات، وتعقد الجلسات ويتم تبادل الآراء لمعرفة كيفية الثبات على العمل الصالح بعد الحج؟ وكيف تستمر هذه الجرعة الإيمانية بعد الحج، وكيف نحافظ على هذه المكاسب وهذه الروح الإيمانية الطيبة؟ وكيف نبتعد عن المعاصي بعد الحج؟ وكيف نستمر في فعل الطاعات؟

فبعض الحجاج يقترح:  أن نقرأ وردا معينا محددا من القرآن الكريم، وبعضهم يلزم نفسه بحضور بعض حلقات التحفيظ، وبعضهم يقترح الارتباط بالجلساء الصالحين. 

 وبعضهم يقول: لا بد من البعد عن وسائل الإعلام الملهية، وبعضهم يقول: لا بد من حشد الهمة دائما والبعد عن الفتور والتكاسل. 

 وعدد منهم يركز على فعل الصالحات وملازمة التقوى، وذلك بالمحافظة على الفرائض، والتقرب إلى الله بالنوافل، والإكثار من ذكر الله، وملازمة الاستغفار، والمواظبة على الدعاء  وتقديم الصدقات، والعطف على اليتيم، والتسابق للخيرات. وعدد منهم اقترح السير على برنامج محدد فيه الفرائض والعبادات والنوافل والأعمال الصالحة، ومحاسبة النفس عليه.

وبعض الحجاج يؤكد أن الأهم هو إيجاد الدافع للعمل، والاستمرار في البحث عن كيفية رفع الهمة، والحفاظ على زيادة الإيمان، فاقترح بعضهم أن نهتم كثيرا  بالروحانيات، و الرقائق التي تذكر بالموت. 

 ثم جاء الحل المناسب عفويا، وجاء الدافع لكي نستمر على عمل الصالحات بعد الحج، ولكي نتعظ ونتزود للتقوى دائما: 

 جاء كرسالة ربانية عميقة التأثير، فلم يقم بإعداده أحد من المشرفين، ولما وصل هذا الحل غير المعد سلفا، نشط الهمة، وقوى العزيمة، وشحن الإرادة.  فقد عرض المحاضرون والواعظون مواقف سابقة مؤثرة، لعلها تشحذ الهمم، فلم تحقق الهدف كاملا! 

  فجاء أقوى المواقف وأكثرها تأثيرا، ألا وهو خبر وقوع حادث أليم لأخ لنا في الرحلة، هو وزوجته، اختطفه الموت فجأة واختار التعجل ورجع بسيارته للرياض، ونحن اخترنا التأخر لليوم الثالث عشر، كان هذا الحاج يرجو رحمة ربه، ويأمل أن يعود بحج مبرور، وذنب مغفور، نسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة.

 فهذا الحادث الأليم المتمثل في خطف ملك الموت لرجل شاب في مقتبل حياته، كان يأمل ويمني نفسه بمستقبل واعد، واختطف الحادث الأليم زوجته الشابة أيضا والتي كانت ترسم خططا كثيرة لما بعد الحج، وغالبية النساء كانت قد جلست أو أكلت  معها، أو رأينها منذ فترة قصيرة شابة فتية متحركة سليمة صحيحة، فجاء خبر الموت الصادم  ليجعل بعض العاصيين يتوبون، وبعض النائمين يستيقظون، وبعض الغافلين ينتبهون،  وبعض المتكاسلين ينشطون، فالكل تيقن وتأكد، وترسخ في نفسه أن الموت ليس له كبير، ولا يميز بين غني وفقير، أو مسن وصغير، أو بين صحيح وسقيم، بل يأتي بغتة دون سابق إنذار، كما قال تعالى:"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ" الأعراف 34.

 فانتشر الحرص على الندم والتوبة والعزم على فعل الطاعات، والتنافس في الخيرات، والإقبال على عمل الصالحات بعد الحج؛ كيف لا، والموت قادم لامحالة، وهذا هو زاد المؤمن في قبره، و هذا ما ينفع المرء يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

هذا السلوك، وتلك الشحنات الإيمانية هي التي سيطرت على غالبية الحجاج، ودفعت الجميع للمزيد من التنافس على فعل الخير، والحرص على الحج المبرور، و الاستمرار في عمل الصالحات بعد الحج، نسأل الله تعالى للجميع القبول، و كفى بالموت واعظا، فحدث الموت الأليم كان له أكبر الأثر، على نفوس الحجاج، وأجاب عن السؤال المهم المطروح عن: كيفية المحافظة على هذه الجرعة الإيمانية بعد الحج، ولمعرفة كيفية السير في طريق الاستقامة، وكيفية الابتعاد عن طريق الغواية، والسؤال المتكرر عن كيفية الثبات حتى الممات بعد الحج؟

نسأل الله تعالى أن يعود جميع الحجاج بذنب مفغور، وسعي مشكور وعمل متقبل مبرور.

هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الكاتب: نجوى شاهين

المصدر: موقع لها أون لاين